بطولةٌ أكبر من أن تحتويها ذاكرةُ التاريخ

أمةالملك قوارة

من بين جزيئات تلك الدماء التى أُشبعت من وفرتها الأرض، وارتوت منها جذور الحرية، وتنفست منها الكرامة الإنسانية لتغدو أشد قوةً وصلابة؛ ً لئلا تزعزع أركانها طواغيت البشرية، أو تستأصلها خطط الجبابرة وصنّاع الفتن في قلوب الشعوب.

إنها دماءٌ زكية أُرِقت؛ لتقدم نوع آخر لنموذج صُنع الإنسانية الحقيقية وبناء الحضارة البشرية الخالية من شوائب الوهن والضعف وقيود الهيمنة والاستعمار، ومن هنا اتضحت ملامح شعبنا الجديدة المحفورة بالعزة والصمود والإباء الإنساني المُهيب حين باع أولئك الإبطال أرواحهم من الله؛ ليبقى وطنهم معافىً من دنس الظلم وهيمنة مَن باعوا القضية بل والعروبة.

أولئك مُزقت أجسادهم فقدموا أرواحهم رخيصة؛ ليعلنوا بذلك صدق توجههم واكتمال معرفتهم بدار الفناء؛ ليأبوا إلا أن يعيشوا في تلك الدار بكرامة أو أن يرتقوا إلى دار البقاء مُتوجين بشموخ عزتهم وإيمانهم.

مر أسبوعُ الشهيد وبقيت تلك البطولة الكبرى التي كانت وستظل أكبر من أن يمثلها أسبوع أو أن تحتويها ذاكرة بشرية مؤقتة، وفي بحرِ الكلمات تَعجز جميع المعاني على أن تصف نضال شهيدٍ،وبالتالي لا نستطيع من خلالها أن نعبر تعبيرًا شافيًا عن عمق القضية التي بُذلت الأرواح في سبيلها.

إن تلك الدماء الطاهرة التي سالت تتحدث بلسان كل شهيد قائلةً للعالم أجمع: “فليبقَ النبل البشري محفوف بالكرامة التي يريدها الله؛ لتتجسد في عمق ضمير كل المؤمنين، إنه النبل الذي يجب أن تعيش به الأمة عزيزةً أو أن تموت في سبيلة شامخةً ”

ومنا إليكم عظماؤنا هذه الكلمات: “ستظلون في أعماق أحشائنا عائشون، وسنظل على نهجكم سائرون ولدربكم مواصلون وبعزائمكم مستمرون وكل نصر يتحقق هو فضل أول قطرةٍ من دمائكم أُرِقت على وجه الأرض وعندما ارتفعت صرخاتنا ملبيةً للكرامة التي أشربتم أعناقنا بها.

باع من الله نفسه وصدق في بيعته، وحين دخل الميدان رفع هامته وبقلبه شعلة نار تتوقد، ليجعل منها صفعة حارقة في وجه الظالمين وليحرق بها الأرض التي داسوا عليها وجعلوا منها أوكارًا لهم؛ ليرسم صفحات من البطولة خالدة في عمق التاريخ تُخبر الأجيال القادمة أنه لا مكان للمستعمرين والظالمين في شعوب عشقت معنى الحرية ولبست رداء الكرامة؛ وليرسم للأمة في صفحات بطولته المسار الحقيقي للحياة؛ وليثبت لها أن الحرية ليست نزعة بشرية تهفو إليها الأنفس بل هي دينٌ ارتضاه الله لنا ودعانا إليه.

عاش الشهداء ومات الطواغيت وربحنا القضية، وضاعت هوية المتعربين، إنها المقارنات التي تثبتها الأيام وإما عن معادلة النصر فإنها تُرسم بدماء التضحية التي يقدمها شعبنا ومع استبانتها كل يوم يدخل المعتدون معها في هستيريا هي أشد من سابقتها، وفي خضم تلك الأحداث ينشغل التاريخ حباً وشموخًا واحتواءً وتوثيقًا؛ لعمق نضالنا من أجل قضيتا متباهيًا بنا بين بطولات صفحاته، ويذهب بتاريخ المعتدين الأسود إلى حضيض مهملاته،وصدق الله عز وجل القائل:”إن العاقبة للمتقين”

#اتحاد_كاتبات_اليمن .

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق