من ذاكرة العدوان (مجزرة الصالة الكبرى )

بقلم ـ بلقيس السلطان

مرت أربع سنوات على مجزرة الصالة الكبرى ، إلا أن بشاعتها والخبث الذي صب على هذه الصالة مازال عالقاً وحياً في ذاكرة اليمنيين وكأنه حدث بالأمس، كما أن الألم الذي تركته هذه المجزرة في كثير من أسر الشهداء والجرحى والمفقودين لن يزول ولن تمحوه الأيام ، وستظل الأشلاء المتناثرة في المكان شاهداً حياً على عدوانِ خبيث كل همه أن يحصد العدد الأكبر من الأرواح وبأبشع الطرق والوسائل ليخلد التاريخ في ذاكرته أخبث عدوانِ كوني شهدته البشرية في هذا العصر .

فكعادتهم لم يكتفوا بشن غارة واحدة ، بل تلوها بغارات أخرى استهدفت المسعفين والقضاء على من لم تصبه الغارة الأولى وإنهاء من بقية أنفاسه تتصعد في السماء ..!

دعونا نتخيل الموقف :
أهل المتوفى يصتفون لاستقبال العزاء وفي أعلى الصالة المنشد ينشد بعض الأناشيد التي تنشد في مناسبات العزاء
المعزون يجلسون ويتناولون القات مع الاستماع والترديد مع المنشد بعض مقاطع النشيد ، في أحد جنبات القاعة طفل قد سئم من الجلوس ويناشد أباه أن يرحلا من القاعة ، ويأخذ بيد أبيه يجرها مترجيا إياه بالنهوض فيأمره أباه أن يسبقه إلى حوش القاعة وهو سيلحق به .
بدأ عدد المعزين في تزايد مستمر فهناك من يحضر وهناك من يقدم واجب العزاء و يغادر
وهناك العديد من الشخصيات البارزة من شيوخ وضباط ومسؤولين تصل تباعا إلى القاعة

وما أن انتهى المنشد من أداء إحدى مقاطع النشيد حتى طلب من الحاضرين قراءة الفاتحة على روح المتوفى ، وصمت الجميع للقراءةوما أن وصلوا إلى آية الضالين حتى داهمهم الضالين بصاروخ جعل من الفاتحة التي تلوها فاتحة على أرواحهم التي أزهقت دون أن يعرفوا ما الجرم الذي اقترفوه مقابل ذلك ..!

كان الطفل في هذا الوقت ينتظر أباه في حوش القاعة ،وكان صوت دوي الانفجار أكبر من أن تتحمله أذناه ، أخذ يصرخ منادياً والده وهو في ذعر شديد ولم يعلم أن أباه قد صار أشلاء ممزقة وأن مسكته ليد والده كانت هي لمسة الوداع الأخيرة .

وهناك في البعيد أم وزوجة وأخت قتلهن القلق بعد سماع دوي الانفجار وأسرعن إلى هواتفهن للاطمئنان على ذويهن لكن الهاتف لم يخدمهن هذه المرة فالأرواح قد حلقت بعيدا وأصبحت خارج نطاق الحياة .

تحولت القاعة من مكان للعزاء في شخص واحد إلى مقبرة لعدة أشخاص ، وإلى مزار لجرحى فقدوا بعض أعضاءهم فيها ،
و مكان لبصمة واضحة على خبث المتحالفين الذين يتصيدون الأماكن الأكثر تجمعا ليحصدوا العدد الأكبر من الأرواح وماعرس سنبان من بشاعة جرمهم ببعيد ،

إجرام مابعده إجرام ، وخبث مابعده خبث، فقد تجاوزوا كل القوانيين الدولية التي تحرم استهداف المدنيين ، بل وتجاوزوا القوانيين الإلهية التي تحرم قتل النفس ، فما بالنا بعشرات الأنفس التي إزهقت تحت ركام الغارات ، وماهو الذنب الذي اقترفوه ليستحقوا كل هذا الدمار والإبادة ..؟

بالرغم من بشاعة المجازر التي ترتكب بحق الشعب اليمني ، إلا أنها لن تثني الشعب عن مواصلة صموده واستبساله في مواجهة العدوان الظالم ، وستكون رافداً لهم للقضاء على المعتدين وتحقيق النصر المبين ، وماربك بغافل عما يفعلون ، والعاقبة للمتقين .

#اتحاد_كاتبات_اليمن

مقالات ذات صلة

إغلاق