ممّا ورد في المحاضرة الرمضانية السابعة عشرة للسيد القائد (سلام الله عليه) 1443هـ (غزوة بدر الكبرى)

ممّا ورد في المحاضرة الرمضانية السابعة عشرة للسيد القائد (سلام الله عليه) 1443هـ (غزوة بدر الكبرى)

تلخيص/ مرام صالح مرشد

_ غزوة بدر الكبرى وقعت في17 من شهر رمضان المبارك وكان فتح مكة في 8 هـ .

_ سمى الله في القرآن يوم غزوة بدر بيوم الفرقان وهذه التسمية هي بحد ذاتها تقدم لنا فكرة متكاملة عما حدث فكان يوم فارق في تاريخ الأمة الإسلامية والتاريخ البشري بشكل عام.

_ رسول الله بعثه الله لتبليغ الرسالة في مكة فبقي يبلغ رسالة الله ويتلو آيات الله ويدعو عباد الله إلى الله بإذن وأمر من الله فكان موقف أغلب قريش موقف معادي للصد عن الإسلام والتثبيط عنه والمحاربة له بدءاً بالحرب الدعائية والصد والتكذيب وبذلوا كل جهدهم ألّا يكون للإسلام كيانه القوي في مكة وبعد اكتمال الحجة بعد اكتمال المرحلة أراد الله أن تكون مكة هي المنطلق لانتشار صوت الرسالة فهيأ الله لرسول الله ولمن معه من المسلمين الذين لم يتمكنوا من قيام كيان مستقل للدين هيأ الله للدين بديلاً عن مكة قوم غير قريش هم الأنصار “الأوس والخزرج” في المدينة وبعد انتقال رسول الله بدأ تأسيس الأمة الإسلامية في ظل ظروف صعبة وواصلت قريش نشاطها العدائي ضد رسول الله.

_ وسّعت قريش من تحالفها وسيطرتها على شعائر الحج ومقدسات الحج ابتداءً من الكعبة وبيت الله الحرام فكانت قريش تقدم لنفسها أنها تعبر عن الدين والمركز الديني ومن جانب آخر بقدسية البيت الحرام تهيأت لقريش ظروف ملائمة تساعدهم على تحسن الوضع الاقتصادي وحظوا بالنفوذ الاقتصادي والاجتماعي باعتبارهم بالمركز الديني المقدس بيت الله الحرام وأنهم المتولون عليه وعلى شعائر الحج.

_ عند بقاء النبي وحركته في المدينة المنورة أدرك خطورة مايحصل والنشاط الذي تقوم به قريش أنهم يحاصروا الناس اقتصادياً ويمنعوهم من أسواقهم ومن أي نشاط حضاري وأرسلوا قافلة تجارية ضخمة أرادوا أن يعتمدوا عليها في تمويل الحملة العسكرية التي يحضرونها على النبي صلوات الله عليه وعلى آله فجاء الأمر من الله والإذن بالتحرك والتصدي لنشاطهم وعملهم العدائي الذين يستهدفون به الدين ورسول الله فجاء قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِـمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) ليكون الإذن بالتحرك لمواجهة ذلك الاستهداف من جانب الأعداء لأن الحكمة والموقف الصحيح لم تكن في أن يقفوا ويخنعوا فاتجه النبي وتحرك وانطلق من المدينة المنورة وتحرك معه البعض من المسلمين في المرحلة التي كانوا فيها في حالة قلق والمخاوف دافعة لهم للتخاذل والجمود والتردد في أن يتحركوا مع رسول الله وهو الفارق بين قبل غزوة بدر ومابعدها فكان المؤمنون قبل الغزوة واثقون بانتصار الإسلام وأن يثبتوا في نصرة رسول الله وهم على بصيرة من أمرهم وهناك البعض ممن هم يترددون فيلحظون أن هذا الدين يتحرك في بيئة معادية.

_ تحرك رسول الله على مستوى طبيعي في الحالة المادية ليست له الأموال الكثيرة لا ليمول نشاط المؤمنين ولا ليغري الآخرين ليكون إليه الإقبال عبر المال بل يكون على الإيمان والقناعة وليس على الأطماع والأهواء ولم تكن له جيوش تقابل ذلك المحيط الدولي المعادي فكان الأغلب ينظر إلى انتصار رسول الله واستمرارية الإسلام وكأنه أمر مستبعد والبعض يرى على أنه أمر مستحيل والدخول في الإسلام على مستوى محدود وكان البعض يرى المسلمين أنهم لو واجهوا استهداف وتهديد عسكري للمشركين فستكون القاضية للإسلام والمسلمين .

_ جاء في قول الله تعالى:(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ) لم يتحرك البعض مع رسول الله إلا باحتمال أنهم سيظفرون بالقافلة التي تتبع قريش وهي قافلة تمويلية وجاء أمر الله أن يظفر على المسلمين بالجيش بدلاً من الظفر بالقافلة لقوله تعالى: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِـمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْـمُجْرِمُونَ) فكانت إرادة الله في إحقاق الحق وأن يعبر عن جذور المشكلة والقضية التي يكون الصراع من أجلها لأن مسيرة الحياة تبنى على أساس توجهات الله والعبودية له وحده.

_ عندما وصل النبي ومعه المسلمون في ظل امكانات بسيطة في قلة من العدد ونقص من العدة وكان عدد المشركين مثل عدد المسلمين ثلاث مرات أو أكثر والمسلمين كان لديهم فرس واحد وستة أدرع وكان لدى المشركين عدد كبير من الفرسان والإمكانات والعدة والمقاتلين وخرجوا بطراً وكثراً وحفزهم الشيطان ووسوس لهم أنهم سيخوضون معركة حاسمة يقضون فيها على النبي وعلى الإسلام ولكن كان النصر للإسلام والمسلمين وبقي أثرها ممتد حتى قيام الساعة.

_ عندما وصل المسلمون في تلك الظروف الصعبة توجهوا إلى الله واستغاثوا به لقوله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْـمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فأغاثهم الله تعالى وكان توجههم واستغاثتهم بالله هو توجيه من النبي فمهما كان عدد الأعداء وعدتهم فقد ربى رسول الله المسلمين في التوجه إلى الله والاستغاثة التي استجاب الله لهم فيها فأمدهم وبشرهم بالملائكة وكان لهم الدور الكبير في التأثير المعنوي الإيماني والمهم بالنسبة للمؤمنين أيضاً حضور الملائكة في ظل مجريات المعركة والأحداث كان له أثره المعنوي الإيجابي الكبير وأمدهم الله بالأمنة والطمأنينة والسكينة والنعاس “النوم الخفيف” ونزول الماء “المطر” أغاثهم الله ليتطهروا به وليطمئنوا بنزول الماء لأنه كان من المتداول أنهم في المعركة سيصابون بالعطش وقلة الماء.

_ عندما جاء الطرفان للمواجهة بدأت بخروج 3 من المشركين فأمر رسول الله خروج 3 من المسلمين وهم: عمه حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب يقابلهم من المجرمين عتبة وأخوه شيبه وابنه الوليد فقُتل الثلاثة من المجرمين واستشهد عبيدة بن الحارث ثم التحم الطرفان واحتدمت المعركة على اشدها بجزء من النهار يقدر بساعتين فجاء التأييد من الله للمؤمنين وقُتل من الأعداء سبعين قتيلاً من الشخصيات البارزة فيهم عندما رمى رسول الله بالحصىٰ وقال: (شاهت الوجوه) انهزموا على الفور وجاء قوله تعالى: (فَلَـمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْـمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) و أُسر سبعون وهزم الباقون وفروا نحو مكة وعاد المسلمون بنصر تاريخي كبير.

_ تغيرت الأوضاع ماقبل ذاك اليوم وما بعده وهي حالة قائمة على الاطمئنان والمعنويات المرتفعة ومن لم يخرجوا مع رسول الله في معركة بدر تحسروا وتمنوا لو أنهم خرجوا بعد وصول الغنائم.

_ الحقائق المهمة التي يجب أن نستفيد منها هي:
1/ حتمية الصراع وهو ضرورة واقعية وجزء قائم من واقع البشر والمسلمون ولو لم يتحركوا تحرك أعدائهم وقهروهم وأذلوهم.

2/ الأخذ بأسباب النصر فنحن كمسلمين في كل أقطار الأرض أمة مستهدفة لها اعدائها لقهرها واستعبادها ومنع استقلالها وهو أمر واضح في مايسعى له الأمريكيون وما يقوم به الإسرائيليون ولا تستطيع الأمة أن تتخلص من ذلك إلا إذا تحركت لأن تكون أمة مجاهدة فالجهاد هو الذي يمثل عامل نهضة للأمة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق